شهدت وول ستريت موجة بيع حادة في أسهم شركات الرقائق والذكاء الاصطناعي، إثر تصاعد المخاوف من احتمال انفجار “فقاعة الذكاء الاصطناعي”، بعد إطلاق شركة “ديب سيك” الصينية الناشئة نموذج ذكاء اصطناعي منافس بتكلفة أقل بكثير مقارنة بالمبالغ الضخمة التي تنفقها شركات وادي السيليكون.
إطلاق نموذج R1
أعلنت شركة “ديب سيك” الأسبوع الماضي عن نموذجها “R1” مفتوح المصدر، الذي تفوق على نموذج OpenAI في العديد من الاختبارات. كما تصدر قائمة التطبيقات الأكثر تحميلاً على أجهزة آيفون، متجاوزاً تطبيق ChatGPT. وأشارت الشركة إلى أن تطوير هذا النموذج الأولي، الذي استغرق شهرين فقط، كلفها أقل من 6 ملايين دولار.
رغم التشكيك في صحة هذا الرقم، أثارت هذه الادعاءات مخاوف بشأن إمكانية تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة بتكاليف منخفضة مقارنة بالاستثمارات الضخمة التي تنفقها الشركات الأميركية والتي تصل إلى مئات الملايين.
تداعيات الانخفاض على الأسواق
- انخفض مؤشر NASDAQ بأكثر من 600 نقطة (-3.07%) ليغلق عند 19,341 نقطة، مسجلاً أكبر خسارة يومية خلال شهر ونصف.
- تراجع مؤشر S&P 500 بـ 1.46% (88 نقطة) ليغلق عند 6,012 نقطة.
- في المقابل، ارتفع مؤشر Dow Jones بـ 0.65% (300 نقطة)، لينهي التداولات عند 44,713 نقطة.
كما تكبدت شركات التكنولوجيا الكبرى خسائر حادة يوم الاثنين، حيث هبطت أسهم “إنفيديا” بنسبة 16.97% لتغلق عند 118.42 دولار، ما يمثل أسوأ أداء يومي لها منذ مارس 2020. كذلك خسرت أسهم “إنفيديا” ما يعادل 600 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد، وهو أكبر انخفاض تسجله شركة أميركية في يوم واحد، وفق تقرير لشبكة “سي إن بي سي”.
وانخفضت أيضاً أسهم شركات أخرى مرتبطة بصناعة الرقائق، مثل:
- برودكوم (-17%).
- تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC) (-13%).
- ألفابت (الشركة الأم لجوجل) (-4%).
توقعات الأسواق
تتزامن هذه التقلبات مع ترقب المستثمرين لأسبوع مليء بنتائج أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى (“السبعة العظماء”)، إلى جانب اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة. وتشير التوقعات إلى إبقاء الفائدة دون تغيير بنسبة 97%، وفقًا لتقديرات أداة FedWatch التابعة لمجموعة CME.
مخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي
يرى خبراء أن “ديب سيك” أحدثت زلزالاً في قطاع الذكاء الاصطناعي، ما يثير مخاوف من وجود فقاعة جديدة شبيهة بفقاعة الإنترنت في بداية الألفية.
أوضح الدكتور حسين العمري، خبير الذكاء الاصطناعي في وادي السيليكون، أن إطلاق “ديب سيك” يمثل قفزة نوعية في المجال، مشيراً إلى أن التوقعات المرتفعة بأسهم التكنولوجيا قد تكون مبالغاً فيها. كما شدد على أن السوق قد يحتاج إلى إعادة تقييم جدية لمدى واقعية الوعود المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
تباين أداء شركات التكنولوجيا
خلافاً للاتجاه العام، ارتفعت أسهم “أبل” بنسبة 3.18% و”ميتا” بنسبة 1.91%، إذ يرى بعض المحللين أن انخفاض تكاليف التدريب على الذكاء الاصطناعي قد يعزز أرباح هذه الشركات.
مستقبل المنافسة في السوق
أكد خبراء مثل ديفيد باهنسن، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة “بانهسن”، أن تقدم الصين في هذا القطاع قد يعيد تشكيل المنافسة العالمية، خاصة بعد الحظر الأميركي على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى الصين. وأشار إلى أن الصين قد تتحول من مجرد عميل إلى منافس رئيسي.
نظرة عامة
بينما يرى البعض أن تأثير “ديب سيك” قد يكون مؤقتاً، يشير آخرون إلى أن هذه الخطوة قد تعيد تشكيل المشهد التكنولوجي العالمي، خاصة إذا استمرت الصين في تقديم نماذج فعالة وذات تكاليف منخفضة، ما يضع الشركات الأميركية أمام تحديات جديدة تتطلب إعادة النظر في استراتيجياتها الاستثمارية.