واصل الذهب في عام 2024 ترسيخ مكانته كملاذ آمن واستثمار استراتيجي، مسجلاً أداءً استثنائياً ومستويات قياسية لم يشهدها منذ أكثر من عقد. جاء هذا الأداء نتيجة لتزايد التوترات الجيوسياسية، من الأزمة الأوكرانية إلى التوترات في الشرق الأوسط، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم، مما جعل الذهب الخيار الأمثل للتحوط وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي.
العوامل المحركة لأداء الذهب:
- السياسات النقدية: تحولت البنوك المركزية من التشديد النقدي في عام 2023 إلى تخفيض أسعار الفائدة في 2024، مما عزز تدفقات الاستثمارات نحو الذهب.
- الطلب العالمي: لعبت البنوك المركزية، خاصة في الصين، دوراً مهماً عبر زيادة احتياطياتها من الذهب كجزء من استراتيجياتها المالية لمواجهة تقلبات الأسواق العالمية.
- الأوضاع الجيوسياسية: ساهمت التوترات المستمرة في زيادة الإقبال على المعدن النفيس كوسيلة للتحوط.
أداء الذهب في عام 2024:
- سجل الذهب أفضل أداء سنوي له منذ عام 2010، مرتفعاً بنحو 27%.
- بلغ أعلى مستوياته عند 2790.15 دولار للأونصة في 31 أكتوبر.
- بحسب “رويترز”، يُتوقع استمرار العوامل الداعمة للذهب في 2025، رغم احتمالية ظهور تحديات مثل سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، التي قد تزيد التضخم وتبطئ وتيرة خفض الفائدة.
توقعات عام 2025:
- يشير خبراء مثل نيكي شيلز، رئيس استراتيجية المعادن في “إم كيه إس بامب إس إيه”، إلى أن الذهب سيبقى في سوق صاعدة، لكن وتيرة الصعود قد تكون أقل استقراراً مقارنة بعام 2024.
- تستمر مشتريات البنوك المركزية كعامل داعم رئيسي، مع توقعات بأن تصل أسعار الذهب إلى مستويات قياسية تتراوح بين 2900 و3000 دولار للأونصة، وفقاً لتقديرات مؤسسات مثل “غولدمان ساكس” و”يو بي إس”.
- ومع ذلك، فإن أي تراجع في التوترات الجيوسياسية أو انعكاس السياسة النقدية برفع أسعار الفائدة قد يشكل تحدياً أمام الذهب.
دور البنوك المركزية:
- عمليات شراء البنوك المركزية عززت الطلب على الذهب، حيث تُظهر الصين والهند بشكل خاص اهتماماً كبيراً بتوسيع احتياطياتهما.
- يُنظر إلى الذهب كأداة تحوط رئيسية ضد المخاطر الاقتصادية وتقلبات السوق.
المعادن النفيسة الأخرى:
- حققت الفضة أفضل أداء سنوي منذ أربع سنوات، مرتفعة بنسبة 22%.
- في المقابل، سجل البلاتين والبلاديوم خسائر سنوية بنحو 8% و17% على التوالي.
رؤية الخبراء:
بحسب بلال شعيب، مدير مركز رؤية للدراسات والبحوث الاقتصادية والاستراتيجية، كان عام 2024 استثنائياً بسبب اضطرابات اقتصادية وجيوسياسية كبيرة. انعكس ذلك في ارتفاع أسعار الذهب، حيث تجاوزت الأونصة 2600 دولار، مما عزز مكانته كملاذ آمن في أوقات عدم الاستقرار. كما يشير إلى أن التوترات العالمية والسياسات النقدية ستبقى عوامل رئيسية مؤثرة في أسعار الذهب خلال عام 2025.
بينما تُظهر التوقعات تفاؤلاً حذراً بأداء الذهب في العام الجديد، يظل هذا المعدن النفيس انعكاساً للتوازن بين المخاطر والفرص في ظل المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.