تراجعت أسعار الذهب في السوق الأوروبية يوم الخميس لتستمر في تسجيل خسائرها لليوم الثالث على التوالي، حيث انبعثت علامات التصحيح وجني الأرباح، وذلك تحت تأثير ارتفاع كبير في الدولار الأمريكي وعوائد السندات الأمريكية. ذلك جاء بعد إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن توقفه عن سياسته التشديدية وإشارته إلى احتمال زيادة أخرى في أسعار الفائدة بنسبة 25 نقطة أساسية قبل نهاية العام الجاري، وهو ما قلل من توقعات خفض أسعار الفائدة في عام 2024 وأعطى إشارة عن تخفيض أسعار الفائدة بمعدل متوسط لفترة أطول.
أما بالنسبة لأسعار الذهب اليوم، فقد هبطت بنسبة 0.3% إلى 1,924.28 دولار، قادمة من مستوى افتتاح التعاملات البالغ 1,930.32 دولار، والذي سجلت أعلى مستوى عنده عند 1,931.55 دولار. وكانت أسعار الذهب قد شهدت انخفاضًا بنسبة 0.1% يوم أمس، مما يعني تسجيلها لثاني خسارة يومية على التوالي بعد أن سجلت في وقت سابق من التعاملات أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 1,947.48 دولار للأونصة.
أما بالنسبة للدولار الأمريكي، فقد ارتفع مؤشره يوم الخميس بنسبة 0.25%، مما زاد من مكاسبه للجلسة الثالثة على التوالي، وسجل أعلى مستوى له في ستة أشهر عند 105.69 نقطة، وهو ما يؤكد استمرار صعود العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية والثانوية. وهو ما يجعل السبائك الذهبية المسعرة بالدولار الأمريكي أقل جاذبية للمشترين الذين يمتلكون عملات أخرى.
أما عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات، فقد ارتفع يوم الخميس بأكثر من 0.7%، مما زاد من مكاسبه للجلسة الثالثة على التوالي، وسجل أعلى مستوى في 16 عامًا عند 4.448%. هذا الارتفاع يقلل من جاذبية السبائك الذهبية كوسيلة استثمار نظرًا لأنها لا تولد عائدًا مدرًا للعائد.
فيما يخص قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فإنه أبقى على أسعار الفائدة دون تغيير وفي نطاق يتراوح بين 5.25% و5.50%، وهو أعلى نطاق منذ عام 2001. ويعتبر هذا القرار الثاني في الاجتماعات الثلاث الأخيرة، مما يشير إلى اقتراب الاقتصاد الأمريكي من تحقيق ذروة أسعار الفائدة واقتراب نهاية السياسة التشديدية الحالية.
قال مجلس الاحتياطي الفيدرالي إن قرار توقف رفع أسعار الفائدة يهدف إلى منح الفرصة لقياس تأثير سياسته التشديدية على بيانات الاقتصاد الأمريكي، على الرغم من استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة تبتعد كثيرًا عن المستهدف المتوسط عند 2%. وأشار إلى أنه سيتابع بعناية تأثيرات البيانات على التوقعات الاقتصادية وسيكون مستعدًا لتعديل سياسته النقدية إذا ظهرت مخاطر تعيق تحقيق أهدافه بإعادة التضخم إلى المستهدف المذكور.
وختم مجلس الاحتياطي الفيدرالي
بأنه سيأخذ في الاعتبار مجموعة واسعة من البيانات، بما في ذلك قراءات حالة سوق العمل وضغوط وتوقعات التضخم، إضافة إلى التطورات المالية والدولية.
بالنسبة لتوقعات الاقتصاد، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتعديلها في تقريره الربع سنوي، حيث قام برفع توقعات نمو الاقتصاد الأمريكي خلال العام الحالي إلى معدل 2.1% من معدل 1.0% الذي كان متوقعًا في يونيو الماضي، ورفع توقعات النمو خلال 2024 إلى معدل 1.5% من معدل 1.1%، وتوقع نمو معدل 1.8% خلال 2025 بنفس التوقعات السابقة.
أما بالنسبة للتضخم الإجمالي، فقد رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي توقعاته لتضخم الأسعار الإجمالي خلال العام الجاري إلى 3.3% من معدل 3.2% الذي كان متوقعًا في يونيو، وأبقى على توقعات التضخم الإجمالي خلال 2024 عند معدل 2.5%، وتوقع تضخم الأسعار الإجمالي خلال 2025 عند معدل 2.2% من معدل 2.1%.
أما التضخم الأساسي، فقد قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتعديل توقعاته لتضخم الأسعار الأساسي خلال العام الجاري إلى معدل 3.7% من معدل 3.9% الذي كان متوقعًا في يونيو، وأبقى على توقعات التضخم الأساسي خلال 2024 عند معدل 2.6%، وتوقع تضخم الأسعار الأساسي خلال 2025 عند معدل 2.3% من معدل 2.2%.
بالنسبة لسعر الفائدة المستهدف، فقد أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة المستهدف للعام الجاري عند 5.75% بنفس توقعات يونيو، ورفع سعر الفائدة المستهدف لعام 2024 إلى 5.25% من 4.75%، ورفع سعر الفائدة المستهدف لعام 2025 إلى 4.0% من 3.50% في التوقعات السابقة.
رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أكد أن عملية السيطرة على التضخم لتحقيق هدفه عند 2% هي عملية طويلة الأمد، وأن الأسعار ستظل في مستويات مرتفعة لفترة طويلة حتى يتم تحقيق هدف التضخم المستهدف. وأضاف أن رفع أسعار الفائدة لمرة أخرى لن يؤثر كثيرًا على الاقتصاد الكلي، ولكنه سيساهم في خفض التضخم إلى المستهدف على المدى المتوسط.
وفي الختام، أكد باول أن البيانات الحالية لا تشير إلى هبوط سلس للاقتصاد، وأنه من الممكن تحقيق هدف التضخم عند 2% بحلول نهاية عام 2025، على الرغم من استمراره فوق مستوى 3% خلال العام الجاري، مشيرًا إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة لا يشير إلى تقييد الاقتصاد أو توجه التضخم، لذلك يتم التركيز على معدل التضخم الأساسي.