يواصل النفط التأثير على توقعات صندوق النقد الدولي بشأن نمو الاقتصاد السعودي، حيث خفض الصندوق توقعاته للمرة الثالثة على التوالي وبأكبر وتيرة بين الاقتصادات الكبرى.
وفقاً لتقرير “آفاق الاقتصاد العالمي المحدث”، خفض الصندوق توقعاته لنمو أكبر اقتصاد في المنطقة لعام 2025 بمقدار 1.3 نقطة مئوية إلى 3.3%، مع توقع تسارع النمو في العام التالي إلى 4.1%، لكنه يبقى أقل من التقديرات السابقة الصادرة في أكتوبر بفارق 0.3 نقطة مئوية.
أرجع الصندوق خفض التوقعات إلى استمرار تمديد تخفيضات إنتاج النفط التي تقودها “أوبك+”. وكان التحالف قد قرر في ديسمبر تأجيل زيادة الإنتاج لمدة ثلاثة أشهر، مع توقع بدء زيادة قدرها 180 ألف برميل يومياً في أبريل.
كما هو الحال سابقاً، يُظهر التقرير أن النفط يلعب دوراً محورياً في خفض التوقعات، حيث يتوقع الصندوق أن تبقى أسعار النفط أقل من 70 دولاراً للبرميل بسبب ضعف الطلب من الصين وزيادة الإمدادات من الدول خارج “أوبك+”.
وتشير التوقعات إلى أن يبلغ متوسط سعر برميل النفط 69.76 دولاراً في العام الحالي و67.96 دولاراً في 2026، بينما ترتفع أسعار الغاز بفعل الطقس البارد وانقطاع الإمدادات.
في الوقت الحالي، تنتج السعودية حوالي 9 ملايين برميل يومياً، مقارنة بما يزيد عن 10 ملايين برميل يومياً قبل قرارات تخفيض الإنتاج.
خفض التوقعات في فترة قصيرة
ما يثير الانتباه هو أن خفض الصندوق لتوقعاته بخصوص السعودية جاء خلال فترة قصيرة بين أكتوبر ويناير، على الرغم من إشادة الصندوق بنمو القطاع غير النفطي وإعادة ترتيب الأولويات لتحقيق أهداف “رؤية 2030” التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن النفط.
تشهد أسعار النفط حالياً انتعاشاً ملحوظاً، حيث تتجه لتحقيق مكاسب للأسبوع الرابع على التوالي مع اقتراب خام “برنت” من مستوى 82 دولاراً للبرميل، نتيجة مخاوف الإمدادات بعد تشديد العقوبات الأميركية على روسيا.
الاقتصاد غير النفطي في الصدارة
تعتمد السعودية على تحقيق نمو مستدام في الاقتصاد غير النفطي بمتوسط 5% على المدى المتوسط. وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد أكد أن المملكة لم تعد تركز على نمو الناتج المحلي الإجمالي بقدر تركيزها على تطور القطاعات غير النفطية.
تُظهر البيانات الرسمية تطوراً ملحوظاً في مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، حيث ارتفعت النسبة إلى 51.7% في النصف الأول من العام الماضي مقارنة بـ47.7% في 2016.
وفي ميزانية العام الحالي، حافظت الحكومة السعودية على توقعاتها للنمو الاقتصادي عند 4.6% لعام 2024 و3.5% لعام 2025، مواكبةً توقعات صندوق النقد. وتشير التقديرات إلى نمو الاقتصاد بنسبة 0.8% العام الماضي.
مشاريع “رؤية 2030” وعوائدها المستقبلية
يمر الاقتصاد السعودي بتحول جذري في إطار “رؤية 2030″، التي بدأت تُظهر بعض ثمارها. ومن المتوقع أن تحقق المشاريع الكبرى التي تم تنفيذها في قطاعات متعددة عوائد إيجابية على الميزانية بدءاً من العام الحالي، بعد إنفاق حوالي 271 مليار ريال على هذه المشاريع خلال السنوات الثماني الماضية بقيادة صندوق الاستثمارات العامة.