أظهرت البلاد مؤخراً علامات انتعاش في هذا المجال بفضل مجموعة من صناديق الاستثمار المتداولة في بتكوين التي تحطم الأرقام القياسية، والمنظمين الأكثر تفهماً، بالإضافة إلى زيادة التبرعات السياسية، وصعود المرشح الرئاسي المؤيد للعملات المشفرة دونالد ترامب.
المؤشر الأبرز هو أن الدولار، الذي فقد موقعه كأكثر العملات تداولاً مقابل الأصول المشفرة لصالح الوون الكوري الجنوبي في الربع الأول، عاد بقوة ليشكل أكثر من 50% من حجم التداول العالمي في أوائل مايو، وفقاً لمذكرة من شركة الأبحاث “كايكو”.
تغييرات تنظيمية تدعم العملات المشفرة
يمثل هذا التحول مقارنة مذهلة بالعام الماضي عندما انتقل معظم التداول إلى آسيا نتيجة سلسلة من إجراءات الإنفاذ التي اتخذتها الهيئات التنظيمية الأميركية. وفاجأت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأسواق في أواخر مايو بالموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة في عملة إيثريوم.
يتقدم ترامب حالياً بفارق ضئيل على جو بايدن في استطلاعات الرأي، وفقاً لبيانات “مورنينغ كونسالت”، وتشير تحليلات “بلومبرغ إنتيلجنس” إلى زيادة احتمالية إقرار تشريع الابتكار والتكنولوجيا المالية للقرن الحادي والعشرين ليصبح قانوناً في 2025. هذا التشريع سيؤسس إطاراً تنظيمياً جديداً للعملات المشفرة في الولايات المتحدة، وهو أمر لطالما طالب به القطاع.
مايك نوفوغراتز، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “غالاكسي ديجيتال”، صرح يوم الثلاثاء بأن المشهد السياسي الأميركي الأكثر إيجابية يمكن أن يرفع سعر بتكوين إلى أكثر من 100 ألف دولار بحلول نهاية العام. وبلغ سعر أكبر عملة مشفرة في السوق 71130 دولاراً في الساعة 3:10 مساء بتوقيت سنغافورة أمس الأربعاء.
بدأ التحول السياسي لصالح العملات المشفرة في 11 يناير، مع إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة على عقود بتكوين الفورية من شركات مثل “بلاك روك” و”فيديليتي إنفستمنتس”، والتي جمعت حتى الآن 61 مليار دولار من الأصول في واحدة من أكثر عمليات الإطلاق نجاحاً لفئة الصناديق. تأثير هذه الصناديق يعيد تشكيل أنماط التداول، التي تتقارب بشكل متزايد مع ساعات التداول الأميركية.
ارتفع حجم تداول بتكوين التراكمي، الذي يحدث في الساعة التي تسبق إغلاق الأسواق الأميركية، إلى 7.2% هذا العام من 4.9% خلال 2021، وفقاً لكايكو. يعود ذلك على الأرجح إلى صناديق الاستثمار المتداولة ببتكوين، التي تحسب صافي قيمة أصولها استناداً إلى معايير قياسية يتم تحديدها في ذلك الوقت، مما “يشجع على التحكيم واكتشاف الأسعار” حسبما ذكرت كايكو.
في الآونة الأخيرة، أطلقت هونغ كونغ مجموعة صناديق مؤشرات متداولة فورية للعملات المشفرة تتبع بتكوين وإيثريوم، ثاني أكبر عملة رقمية. لكن هذه المنتجات لم تحقق حتى الآن حجم استثمارات يقارب ما حققته صناديق الاستثمار الأميركية.
كان لانهيار بورصة “إف تي إكس” المملوكة لسام بانكمان-فرايد في أواخر 2022 “تأثير مخيف وكبير على الاستثمار المؤسسي الأميركي، مما أتاح لآسيا الريادة” وفقاً لريتش روزنبلوم، المؤسس المشارك لشركة توفير السيولة للعملات المشفرة “جي إس آر ماركتس”. وأضاف أنه “بعدما ظهرت الولايات المتحدة كفائز واضح في تدفقات صناديق المؤشرات المتداولة على بتكوين، بدأت البلاد في استعادة موقع الصدارة”.
وفقاً لبيانات “غالاكسي ديجيتال”، تضم الولايات المتحدة 324 شركة ذات رأس مال مخاطر تركز على العملات المشفرة، وهو عدد يفوق بكثير عدد الشركات الموجودة في سنغافورة التي تحتل المرتبة الثانية والمقدرة بـ66 شركة.
بعض المستثمرين الأميركيين يحققون أرباحاً غير متوقعة من انهيار “إف تي إكس”، حيث اشترت شركة “بانتيرا” مجموعة كبيرة من رموز “سولانا” بقيمة 2.6 مليار دولار، والتي باعتها البورصة المفلسة بسعر مخفض بشكل كبير. ومن المقرر أن يتم سداد مستحقات دائني “إف تي إكس” بالكامل، لكن لا يزال البعض يشعر بالاستياء لأنهم لن يستعيدوا العملات المشفرة الأصلية الخاصة بهم.