سجل اليورو ارتفاعًا طفيفًا في السوق الأوروبية يوم الجمعة أمام سلة من العملات العالمية، محافظًا على تماسكه فوق أدنى مستوى له في شهرين مقابل الدولار الأمريكي، مدعومًا بعمليات شراء من مستويات منخفضة، إلا أن العملة الأوروبية الموحدة تتجه لتسجيل أكبر خسارة أسبوعية لها منذ نحو عام بسبب الأزمة السياسية المتفاقمة في فرنسا.
قدّم رئيس الوزراء الفرنسي الجديد “سيباستيان ليكورنو” استقالته مع حكومته يوم الاثنين، بعد ساعات فقط من إعلان تشكيلها، لتصبح بذلك أقصر حكومة في تاريخ فرنسا الحديث، مما زاد حالة الغموض وعدم الاستقرار السياسي في البلاد.
وفي ظل تصاعد الضغوط التضخمية مجددًا على صانعي القرار في البنك المركزي الأوروبي، تراجعت توقعات خفض أسعار الفائدة خلال ما تبقى من العام، فيما ينتظر المستثمرون بيانات اقتصادية جديدة وتصريحات مسؤولي البنك لتقييم تلك التوقعات.
نظرة سعرية
ارتفع اليورو مقابل الدولار بنسبة 0.15% إلى 1.1578 دولار، مقارنة بسعر افتتاح اليوم عند 1.1564 دولار، وسجل أدنى مستوى عند 1.1557 دولار.
أنهى اليورو تعاملات الخميس منخفضًا بنسبة 0.55% أمام الدولار في رابع تراجع يومي على التوالي، مسجلًا أدنى مستوى في شهرين عند 1.1542 دولار، نتيجة التوترات السياسية في فرنسا.
خلال تعاملات الأسبوع الحالي، التي تختتم بتسوية الأسعار اليوم، تراجع اليورو بنحو 1.4% مقابل الدولار الأمريكي، متجهًا نحو ثاني خسارة أسبوعية له في ثلاثة أسابيع، وبأكبر تراجع منذ نوفمبر 2024.
استقالة سيباستيان ليكورنو
جاءت استقالة ليكورنو بشكل مفاجئ بعد ساعات من إعلان تشكيل حكومته، لتصدم المشهد السياسي الفرنسي، رغم محاولته تأسيس حكومة توازن بين الإصلاحات الاقتصادية والمطالب الاجتماعية. غير أن مقاومة برلمانية وضغوطًا من أحزاب داخلية حالت دون استمرار حكومته، خاصة بسبب خلافات حول سياسات خفض العجز وزيادة الضرائب.
ويرى محللون أن ليكورنو فشل في تأمين دعم كافٍ في البرلمان لتمرير برامجه، أو أن ضغوط التحالفات السياسية عرقلت استمراره.
تطورات المشهد السياسي الفرنسي
عُيّن ليكورنو رئيسًا للوزراء في اليوم نفسه الذي قدّم فيه استقالته، في محاولة لتشكيل حكومة جديدة عقب انتخابات برلمانية مبكرة في يوليو 2025 أسفرت عن برلمان منقسم دون أغلبية واضحة لأي حزب، ما أدى إلى حالة من الجمود السياسي.
وتُعد استقالة حكومته انتكاسة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يعاني بالفعل من تراجع شعبيته وتزايد التحديات السياسية، وسط تساؤلات حول قدرة الحكومة على معالجة مشكلات اقتصادية مثل ارتفاع تكاليف الطاقة وتعزيز النمو والحفاظ على التنافسية الأوروبية.
انعكاسات اقتصادية
من المرجح أن يؤدي هذا الاضطراب السياسي إلى تأخير المفاوضات بشأن ميزانية الاتحاد الأوروبي، إذ تلعب فرنسا دورًا محوريًا في صياغة السياسات المالية للمنطقة، كما ارتفعت عوائد السندات الحكومية الفرنسية قليلًا، في إشارة إلى زيادة المخاطر التي يتوقعها المستثمرون.
رئيس وزراء جديد محتمل
أشار ليكورنو إلى أن الرئيس ماكرون قد يعلن عن رئيس وزراء جديد خلال 48 ساعة، في خطوة تهدف إلى احتواء الأزمة السياسية وإعادة الاستقرار للحكومة.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس للأسواق الأوروبية، حيث تثير حالة عدم الاستقرار في باريس قلق المستثمرين بشأن مستقبل الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها ماكرون، بينما يسعى الإليزيه لتشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان وتخفف حدة التوتر الداخلي.
الفائدة الأوروبية
• أظهرت بيانات الأسبوع الماضي ارتفاع التضخم في أوروبا خلال سبتمبر بما يتماشى مع التوقعات، مما يزيد من الضغوط على البنك المركزي الأوروبي.
• بعد تلك البيانات، تراجعت توقعات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر إلى أقل من 10%.
• خفّض المتعاملون رهاناتهم على مزيد من التيسير النقدي، معتبرين أن دورة خفض الفائدة لهذا العام قد انتهت.
• تشير مصادر في البنك المركزي الأوروبي إلى أنه لا توجد حاجة لمزيد من التخفيضات لتحقيق هدف التضخم عند 2%، رغم توقعات بتراجع المعدلات خلال العامين المقبلين.
• ومن غير المرجح أن تتغير تكاليف الاقتراض في منطقة اليورو ما لم تواجه المنطقة صدمة اقتصادية كبيرة أخرى.